يا فلسطين سلامًا وأسىً من فؤادٍ، كمْ بكى حتى انْبرى
من عيون، أصبحتْ دامعةً حجَبَ الدمعُ عليها، النظرا
من قُلوبٍ، لم تزل خفاقةً بكِ، حتى لو يواريها الثرى
من شعوبٍ ، شفّها الوجدُ إلى ثورةٍ، تشعل حتى الحجرا
تنشد الحرب، ضرامًا دائبًا يلهب الغاصب والمستكبرا
تَنْزِع الباطل من أركانه ثم تذْروه هباء عِثْيَرا
فترى الجوَّ دخانًا أسودًا وترى الأرض، لهيبًا منذرا
****
(يا ربوع القدس) حياك الحيا يُنبت الزرع، ويرعى الثمرا
كذَّبتْ أسماعُنا، ما سمعت وجرت أدمعنا، مما جرى
مسجدُ الصخرة، قد عاث به أخبثُ الناس جميعًا عنصرا
والقصور النضر، أمست بلقعًا والبدور الحور، باتت في العرا
والصبايا، نافراتٌ كالظِّبا يتلاحقْن أمامًا وورا
مادتِ الأرض بهم وانفجرت بالصواريخ عليهم شررا
فشهِدنا الورد، جرحًا داميًا وشهدنا الزهر، جمرًا أحمرا
(طيبة الغراء) أنَّتْ حَزَنًا وبكت، مما جرى (أم القرى)
أخواتٌ ، ضمها الوحي إلى قلبه وانساب منها خيِّرا
والنبوّات، على أفيائها قد توالت في رباها زُمَرا
تنشر النور وتستوحي الهدى وتفيض الخير فيها، أنهرا
هطلت تبرًا، فكانت خبرًا وسرت شِعْرًا، فكانت قدَرا
والضحايا عبرتْ في أرضها تصنع المجد، وتروي العِبَرا
والدم الزاكي، جرى في دربها فاض مِسكًا، وتندَّى عنبرا
أبقت البلقاء، منه أثرًا وروى اليرموك، عنه خبرا
ومشى الناس، على ضَحْيائها أممًا تترى ، وتقفو الأثرا
ينشرون الخير، أنَّى ذهبوا فترى الدنيا ربيعًا أخضرا
فاسألوا عن كل نصرٍ (خالدًا) واسألوا عن كل عدل (عمرًا)
ذكريات، عبرتْ مثل الرؤى ربما أفلح، من قد ذَكَرا
يا سماء الوحي، قد طال المدى بلغ السيل الزبى واغتمرا